درس عن كفالة اليتيم .......الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، أمر بالإحسان إلى اليتيم، ورعايته بالعطف والتكريم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، أوصى بكفالة الأيتام، ووعد كافل اليتيم بالجنان، والفوز بالرضوان، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).
أيها الاخوه: إن ديننا الحنيف حثنا على الأعمال الخيرية، رحمة بالإنسانية، وإسعادا للبشرية، وإن أحب الخلق إلى الله تعالى أكثرهم فعلا للخيرات، ونفعا للبشر والمخلوقات، قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :« أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس».
وإن من أعظم وجوه النفع والخير؛ الإحسان إلى الأيتام، قال تعالى
واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين...). فجاء الأمر من الله بالإحسان إلى اليتامى بعد الوالدين وذوي القربى مقرونا بعبادة الله تعالى؛ إعلاء لمكانتهم، وجبرا لخواطرهم، وقد عاش سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم يتيم الأبوين، فامتن الله عز وجل عليه بقوله
ألم يجدك يتيما فآوى). وكان ليتمه صلى الله عليه واله وسلم معنى عظيم؛ فيه جبر لخواطر اليتامى، ورحمة لهم، ورعاية لمصالحهم، ولهذا قال الله تعالى له
فأما اليتيم فلا تقهر). أي: أحسن إليه، وتلطف به، وكن له كالأب الرحيم. فكان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم للأيتام أبا رحيما، وكافلا كريما، وكان صلى الله عليه واله وسلم يقول:« أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا -أي أيتاما- فإلي وعلي (أي أكفلهم)».
فكان صلى الله عليه واله وسلم يكفل اليتامى ويرعى شؤونهم، ولما تزوج صلى الله عليه واله وسلم أم سلمة رضي الله عنها كفل أيتامها، وضمهم إليه وجعلهم كأولاده، وقال لها:« إنما عيالك عيالي». فكان صلى الله عليه واله وسلم يعامل اليتامى معاملة الأب الحنون والمربي الرحيم، ويحث على رعايتهم وكفالتهم، فيقول صلى الله عليه واله وسلم :« أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا». وأشار صلى الله عليه واله وسلم بأصبعيه ليبين قرب منزلة كافل اليتيم مع النبيين والمرسلين في جنات النعيم، قال أهل العلم: حق على كل مؤمن يسمع هذا الحديث أن يعمل به؛ ليكون في الجنة رفيقا للنبي والمرسلين عليهم السلام أجمعين، ولا منزلة عند الله في الآخرة أفضل من مرافقة الأنبياء.
فيا سعادة من كفل يتيما، حتى يكون رفيقا للنبي صلى الله عليه واله وسلم في أعلى درجات الجنة.
وإن رعاية الأيتام ترقق القلوب، وتلين قساوتها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قسوة قلبه، فقال له :« إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم».
عباد الله: لقد جاءت التشريعات الربانية تحث على إكرام اليتامى ورعاية مصالحهم، فجعلت إطعام اليتيم بابا يتقرب به الإنسان إلى ربه عز وجل، قال تعالى
أو إطعام في يوم ذي مسغبة* يتيما ذا مقربة). أي إطعام يتيم قريب له في يوم مجاعة يشتهى فيه الطعام.
وإن من بر اليتيم الإنفاق عليه إن كان فقيرا، قال الله سبحانه وتعالى
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم).
وإن كان اليتيم غنيا فقد أمر الله تعالى بحفظ أمواله وإعانته على شؤون حياته، قال سبحانه
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده).
وشدد القرآن الكريم على حرمة مال اليتيم فقال الله تعالى
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا).
وشرع الله تعالى الوصاية على أموال الأيتام ليقوم الوصي فيها بما يصلحها. وتشمل رعاية الأيتام دمجهم في المجتمع، قال تعالى
ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم). وفي الآية الكريمة توجيه رباني يحث الإنسان على أن يطعم اليتيم مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ويعلمه كما يعلم أبناءه، وتلك هي الرعاية الاجتماعية لليتامى.
فاللهم اجعلنا ممن يكرمون اليتيم، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه اله وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالخير اطلب صداقتنا تكن معنى